|
![]() |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() | #1 (permalink) |
![]() إبليس يتقدم الملائكة، والجن أيضا، في الخلق على آدم، أي كانوا قبل أن يوجد. تستدل على هذا بمثل قوله عز وجل : {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} ![]() ![]() تستدل من هذا ، ومثله في القرآن كثير ، على أن الملائكة رضوان الله عليهم أسبق وجودا من آدم، لأنهم نُبئوا بخلقه من قبل أن يخلق، وأمراوا بالسجود له من قبل أن يشرع الله عز وجل في خلقه، وقبل أن يفرغ عز وجل من تسويته، وينفخ فيه من روحه. وتستدل منه أيضا على أن "إبليس" كان موجودا في الملأ الأعلي يوم فرغ الله عز وجل من خلق آدم، بدلالة توجه الأمر إليه بالسجود لأدم. وإبليس من الجن بمقتضي قوله عز وجل: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} ![]() ![]() ![]() ![]() وتستدل من هذا أيضا على أن اسم "جهنم" ، علماً على النار التي يعذب بها العصاة والكفرة كان معلوما لإبليس لحظة أن "فسق عن أمر ربه"، لأن الله عز وجل توعده بها هو ومن اتبعه، والوعيد لا يكون إلا بموجود معلوم، فدل هذا على أن جهنم أسبق وجودا من آدم، لأن إبليس علم أمرها قبل أن يتأبي على السجود، أي قبل النفخ في آدم. بل الجنة أيضا أسبق وجوداً من آدم، لأن الحكم باللعن تضمن طرد ابليس منها لحظة تأبي على السجود: {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} ![]() ![]() ![]() ![]() وهي نفسها الجنة التي أهبط منها آدم وزوجته بإتيانه ما نهيا عنه، استجابة لوسوسة إبليس. وهي نفسها أيضا الجنة التي وعد بها المتقون يوم توفي كل نفس ما كسبت. وما "عدن" إلا نعت لتلك الجنة على الإضافة... لا "عدن" في كل القرآن إلا ولفظ الجنة مضاف إليها، منعوتاً بها . أما "الفردوس" التي وردت مرتين فقط في كل القرآن، فهي "أوسط الجنة". وسيأتي بيان هذا في موضعه. ***** ومن المفسرين من غلبت عليه اسرائيلياته فظن أن " إبليس" لم يكن من الجن ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() أما القول بأن إبليس كان من الملائكة المأمورين بالسجود بدليل استثنائه بالحرف "إلا"، فليس بشئ. لأن "إلا" هاهنا يتعين فهمها بمعنى "لكن" - وهذا من فصيح العربية - أي سجد الملائكة، لكن إبليس لم يسجد. يتعين هذا لأن النص القرآني المحكم، أي الذي لا يحتمل إلا معنى واحدا فقط، يحكم النص القرآني الذي يحتمل معنيين فأكثر، وليس لعبارة "كان من الجن" إلا هذا المعنى القاطع ![]() ![]() أما دخول إبليس في جملة المأمورين بالسجود لآدم، رغم اتجاه الأمر بالسجود للملائكة وحدهم وليس إبليس منهم، فلك أن تفسره على أحد قولين: الأول- الذي نرجحه- أن الأمر للملائكة بالسجود يتجه إلى كل من شهده حتى النبت والشجر، فهو سجود الطاعة والإذعان لله عز وجل، لا لآدم، وإن كان مناسبة لتشريفه، وإشعاراً بما سيكون من شأنه، فلا يجوز لكائن من كان أن يحضر سجدة لله عز وجل في غير الصلاة ولا يسجد. ولا يجوز لكائن من كان أن يشهد الملائكة سجداً ولا يخر على جبهته. وما يكون لك أن تتخيل الملائكة سجداً خشعاً وإبليس منتصب في مكانه لا يخنع. وما كانت هذه لتفوت إبليس لولا أن الحقد أطغي قلبه، وأعمى بصيريته. لم تكن هذه السجدة امتحانا للملائكة، فقد علم عز وجل أنهم لا يعصون له أمرا،ولكنها كانت امتحانا لإبليس، فكشف اللعين عن مكنونة نفسه. فأثم بها في حق الله، لا في حق آدم، وأصر عليها فلم يعتذر منها ولم يتب، بل استدرك على مولاه: {قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() أما على القول الثاني فهو أن إبليس أمر بالسجود لآدم أمراً مباشراً لحظة إسجاد الملائكة لآدم، لم ينص القرآن عليه اكتفاء بدلالة ما تلاه من قوله عز وجل: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() وهذا يفسر لك بأجلي بيان قوله عز وجل : {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} ![]() ![]() ولكن إبليس – وقد خرب آخرته بيديه- استمهل الله عز وجل ألا يزج به من فوره في دار العذاب ريثما ينتقم لنفسه من آدم وبنيه إلى قيام الساعة، متبجحا على الله عز وجل بأن نسب إليه غوايته بآدم : {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} ![]() ![]() وليست زلة إبليس بالتي تعدل زلة آدم، لأن إبليس زين المعصية لآدم، فكان لإبليس كفل منها، وشرك فيها . أما إبليس فزل بنفسه، أزلته كبرياؤه، فقصد المعصية قصدا، واستكبر بها استكبارا. كان زلة آدم زلة الغافل الناسي: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ} ![]() ![]() علي أن الدرس المستفاد من الزلتين واحد: إنه درس الطاعة، أمرك مولاك فأطعه، لا تتمحك بطلب العلة، وكأنك مفوض في الطاعة والمعصية، أو كان الطاعة والمعصية رهن باستحسانك. ******* ولا شك أن إبليس كان قبل أن " يبلس" في عداد الجن المؤمن، يعمل في طاعة الله عز وجل، بل سكن الجنة، وجاور الملائكة رضوان الله عليهم، بدليل طرده منها فور عصيانه: {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() أخرج الله آدم وزوجه من الجنة تائبين، قد أخذ عليهما العهد أن يخلصا له الدين. وما الدنيا بكل ما عليها إلا تمحيص من الله عز وجل لعباده أيهم باق على هذا العهد، مخلص له الدين. وما كان آدم الذي شهد وعاين بالذي ينخدع مرة أخري بإبليس، فيعصي الله في الأرض بعد زلته في الجنة، ولكن الاختبار لبنيه. ولأن نسل آدم لم يشهد ولم يعاين: لم يشهد إسجاد الملائكة لآدم، ولم يشهد عصيان إبليس، ولم يشهد زلة آدم، ولم يسمع إبليس يستعلن له بالعداوة إلى يوم الدين، فما كان من العدل أن يتركوا في جهالتهم، يصول فيهم إبليس ويجول. بل شاء الله عز وجل – عدلاً منه ورحمة- أن يودع فيهم دين الحق فطرة، فأشهدهم قبل الاختبار على أنفسهم: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() | |
![]() | ![]() |
![]() | #2 (permalink) |
![]()
ويري المفسرون بحق أن إبليس لم يسم " إبليس" إلا بعد أن أبلس، لأن هذا الاسم – إن اشتققته من العربية – فيه مذمة، والمذمة تكون بعد اجتراح الذنب لا قبله، ويه تكون مساوية للذنب، دالة عليه، أو صفة لصاحبه بما آل إليه، ويروي المفسرون أن إبليس قبل أن يبلس كان اسمه "عزازيل" ثم أبلس بعد، ولم يتعرض المفسرون لمعنى "عزازيل" هذه، لأنهم لا يعرفون العبرية التي يسهل اشتقاق هذا الاسم منها ، فتفهم أن الرواية من أقاصيص أهل الكتاب، تصح أو لا تصح، فالله عز وجل أعلم بغيبه. ونحن في هذا الكتاب لا يعنينا في المقام الأول اسم إبليس قبل أن يبلس، لأننا لا نتعرض إلا للأعلام المنصوص عليها في القرآن ، لا المروية في غيره. ولكن الطريف أن "عزازيل" هذه اسم عبراني مركب ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() والذي يجب التنصيص عليه في هذا السياق، هو النعي على أهل التفسير والسير ، وأيضا على أهل الفن والفكر والأدب، الذين تناقلوا ما دسه إبليس على أوليائه من أساطير وتهاويل لا يخلو منها "أدب الخرافة" في كل الشعوب ، تتحدث عن "أمجاد" إبليس قبل أن يبلس، تريد تفخيمه وتعظيمه وغرس المهابة منه في صدور الناس، حتي خصوه بأضوأ كوكب في السماء الدنيا، كوكب الصبح؛ أي كوكب "الزهرة"، وجعله بعضهم نداً لله ، وجعله بعضهم شهيد البطولة في محنة السجود لآدم، وأول من قال "لا". ليس التنكر للخالق عز وجل بطولة، لا صحيحة ولا زائفة، وإنما هو وضاعة. هذا كله فسوق وصغار: لا يجوز لمؤمن تجميل ما قبحه الله ، ولا يجوز لمؤمن إعلاء ما وضعه الله أسفل سافلين. لا يجوز لمؤمن تمجيد ما رذله الله ، ولا يجوز لمؤمن تعظيم من لعنه الله، ناهيك بموالاة عدو الله. بل لا يجوز لعاقل موالاة من أقسم ليجرنه وراءه إلى قاع جهنم. أيما كان الأمر، وأيما كان حال إبليس قبل أن يبلس، فقد ضرب لك الله بإبليس المثل: لا يتعظمن أحد على الله، ولا يستكبرن أحد على طاعة الله ، ولا يستنكفن أحد من الخضوع لله. قد هلك بها إبليس أول هالك، فحذار أن تزل به، فتشركه المصير الذي اختار لنفسه. لا يترحمن أحد على إبليس، وقد أقسم لا يرحمك, ولا يتباكين أحد على إبليس ، فلم تدمع لإبليس عين : كان إبليس عدو نفسه، قبل أن يكون عدوك. ******* ليس في التوراة "إبليس"، وإنما فيها "ساطان" بمعنى العدو، وهي نفسها "شيطان" العربية، كما مر بك. وفي العبرية أيضا "عزازيل" اسما علما لإبليس ، ومعناها "عزيز الله"، على ما يوري من شأنه قبل أن يبلس في أقاصيص أهل الكتاب، وربما جاء الخلط عند أهل الكتاب من افتقار العبرية إلى اسم لصنف الجن، بل تسوي في الاسم بين الملائكة والجن: كلاهما فيها "روح"، "ملآخ"، أي روح، ملك. ليس في الأناجيل اليونانية أيضا"إبليس"، بل فيها "ساتان"Satan وهي نفسها "ساطان" العبرية على الرسم اليوناني، وترجمت في الأناجيل العربية بلفظ "شيطان"، وبلفظ "إبليس" أحيانا، لا على الترجمة، وإنما استئناسا باسمه الوارد في القرآن. وفي الأناجيل اليونانية اسم آخر للشيطان، وهو "ذيبليس" Diabolos ![]() ![]() أما "ذيبليس" اليونانية فليست ترجمة يونانية للفظ "ساطان" العبري ![]() ![]() ![]() ![]() ****** | |
![]() | ![]() |
![]() | #3 (permalink) |
![]()
ومن المستشرقين من قال بأن"إبليس" معربة في القرآن عن "ذيبليس" التي في الأناجيل، كما أخذ "شيطان" من "ساطان" العبرية. ومن مفسري القرآن ![]() ![]() ومن اللغويين العرب كذلك من يرون أن "إبليس" من الأعجمي المعرب ![]() ![]() ![]() ![]() والذي يستوقف النظر، أن أشهر معاجم اللغة الانجليزية ![]() ![]() ![]() ![]() هذا وذاك يدلانك على أن عجمة "إبليس"، أو اشتقاقها من "ذيبليس" اليونانية بالذات، مسألة فيها شك عند اللغويين الأثبات لا يقطعون فيها بيقين، لأن القول بعجمة لفظ في لغة ما يتطلب - أول ما يتطلب - التدليل على وجود أصل لهذا اللفظ في لغة بعينها استعير منها. والملاحظة الأولى على خطأ القول بأن"إبليس" معربة عن "ذيبليس" بحذف دالها البادئة ![]() ![]() أما الملاحظة الثانية فهي أن العرب لم يعرفوا"ذيبليس" اليونانية هذه قبل القرآن أو بعده، لا على أصلها ولا في صورة محرفة، وإلا لوقعت في تفاسير المفسرين وليس من شأن القرآن كما مر بك أن يتعاجم على المنزل إليهم بالأعجمي الأعجم. إبليس عربية. ولكنها من "العربي" المشكل. ووجود اللفظ المشكل في القرآن مقصود: إنه يستثيرك إلى تحري المعني، فتزداد علما، وتزداد فهما، وتزداد إيمانا. والمشكل يستوقفك للبحث والنظر، فتكون ممن قال فيهم الحق سبحانه: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} ![]() ![]() وقد أشكلت "إبليس" على القائلين بعجمتها وعل القائلين بعربيتها معا. أما الأولون فهم ذلك الفريق من المفسرين واللغويين الذين إذا استغلق عليهم لفظ في العربية سارعوا إلى افتراض عجمته، وتلمسوا له النظير في غيرها من اللغات. وقد أسرفوا في هذا أيما إسراف، بل كانوا التكأة التي توكأ عليها أدعياء الاستشراق الذين بهروا تلاميذهم، وقد ظنوا أنهم أتوا بجديد. من ذلك قولهم ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() أما الفريق الثاني القائل بعربية "إبليس" فلم يكن أمامه إلا اشتقاقها من الإبلاس. يعني أنها "إفعيل" من "أبلس" ، فهو المبلس على المبالغة. وقد ورد لفظ "الإبلاس" في القرآن خمس مرات: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ} ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() وليس في هذه الآيات ما يشهد لمعنى الإبلاس إلا الشاهدان الثاني والخامس، أي وضع الإبلاس في مقابلة الفرح والاستبشار، وربما استنبطت من "إبلاس المجرمين يوم تقوم الساعة" في الشاهد الأول أن الإبلاس حال من اليأس وانقطاع الرجاء، ومن الشاهدين الثالث والرابع كذلك. أما المعجم العربي فيقول لك إن "أبلس" يعني سكت لحيرة أو انقطاع حجة، وليس في العربية إلا أبلس بالهمزة غير متعد، وكأنها من "بلس فأبلس" إلا أنه لم تسمع"بلس". وفي "العبرية" بلس يعني قطف، أي جمع ثمار التين خاصة. والبلس في العبرية نوع من التين.هذا وذاك يدلانك على أن المعنى الأصلي لمادة "بلس" هو القطع، وكأنه مبدل من "بلت" يعني "قطع". والانقطاع يفسر"الإبلاس" أبين تفسير في الآيات التي تلوت توا، تطبقه على الشواهد القرآنية الخمسة فيستجيب. وهو يفيد أيضا في تأصيل معني"أبلس" في المعجم العربي، وهو الإطراق تحيرا والسكوت لانقطاع الحجة. وفي العربية أيضا "بلسم" وهي "بلس" مزيدة بالميم، ومعناها أطرق وعبس وجهه، وهي من "أبلس" قريب. وكأن معنى "إبليس" المقطوع الحجة في الامتناع عن السجود لآدم، أو هو - كما ذكر القرطبي- الآيس من رحمة الله وقد فعل ما فعل. هذا إن اشتققت "إبليس" من الإبلاس، وليس عندي بوجيه، كما سترى. مر بك أن العلم المذكور في القرآن على غير سابقة في التوراة الإنجيل برد في القرآن على أصله عربيا، لأنه لم تثبت له العلمية من قبل بلفظ مغاير يوجب على القرآن التزامه، كما ثبتت العلمية لجبريل وميكال ونوح ولوط، الخ، على اللفظ الآرامي- العبري في صحف إبراهيم وموسى. ولم يرد ذكر للفظ إبليس في التوراة والإنجيل بنصهما المعاصر لنزول القرآن. وقد ثبتت العلمية لإبليس بهذا في الملأ الأعلى على النداء من الله عزوجل: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ} ![]() ![]() والذي يتعين التنبيه إليه، أن تسمية إبليس بهذا الاسم في القرآن جاءت مقترنة بعصيانه، أي بامتناعه عن السجود لآدم، فور هذا الامتناع مباشرة، قبل صدور الحكم الإلهي بإدانته وانقطاع رجائه: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} ![]() ![]() الراجح عندي، والله عز وجل بغيبه أعلم، أن "إبليس" تعني "الذي أبي"، كنية له بحال امتناعه وتأبيه، جاءت على المزجية من "أب+ليس، أي هو "أبو ليس" وقد وردت "إبليس" في القرآن إحدى عشرة مرة، معقبا على سبع منها بالتأبي والامتناع والرفض: { إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى} ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() "إبليس" إذن هو "هامة العصاة"، أي "أبوهم". والله عز وجل بغيبه أعلم. مع العلم أنى ناقل ليس أكثر وأن صاحب هذا الكتاب والبحث هو الأستاذ رؤوف أبو سعدة التعديل الأخير تم بواسطة علي بن عبدالله الماضي ; 2008-06-20 الساعة 12:41 AM | |
![]() | ![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|